دهمها في سن مبكرة... وسنوات الكفاح تُوّجت بالشفاء ...الدمام - رحمة ذياب الحياة - 26/03/08//
قصة «ريم ونور» مسلسل كفاح من نوع آخر، تستحق حلقاته التي امتدت لأكثر من 20 عاماً أن تروى. والدتهما أم أسامة، أبت أن تستسلم للمرض، أو أن تترك ابنتيها فريسة له.
بعد أن مرت سنوات البراءة الأولى، كانت ريم ونور على موعد مع الإعاقة، التي تمثلت في «انحناءات العمود الفقري»، وأخذت منهما أجمل سنين عمرهما وأدخلتهما في رحلة علاج امتدت كل هذا العمر.
ولا تزال أم أسامة تتذكر عندما كانت تجري ابنتها ريم أمامها، «بحيوية ونشاط، وتنتقل من هنا إلى هناك، كالفراشة التي تنتقل بين الزهور، قبل تصاب في العام العاشر من عمرها، بإعاقة بدأت في انحناءات تظهر في العمود الفقري».
لم تقف الأم ساكنة، إذ ذهبت بها إلى المستشفيات، للاطمئنان على فلذة كبدها، بدأت في مستشفى الدمام المركزي، لتشخيص حال ابنتها، الذي بدوره أحالها إلى مستشفى الملك فيصل التخصصي في الرياض، لزيادة الانحناء بنسبة 50 في المئة خلال شهرين فقط، وكانت ابنتها الثانية نور تبلغ من العمر حينها سبع سنوات.
دخلت الأم في دوامة العلاج التي أبعدت ابنتها ريم عن الدراسة لفترة، لكنها سرعان ما عادت مرة أخرى، إلا أنها لم تكن تعلم أنها على موعد جديد مع مرض توقف التنفس بشكل مفاجئ، بسبب الضمور الذي أصاب الحجاب الحاجز، ما استلزم إجراء جراحة أخرى، وهي فتحات في الرقبة، لتتمكن من التنفس. استمرت ريم على هذه الحال إلى أن حصلت على الجهاز الذي بقيت لأجله في المستشفى لمدة عام كامل، منحة من وزارة الصحة، وكانت تبلغ حينها 14 عاماً.
لم يكن هذا كل شيء، فبالتوازي مع مرض مريم؛ فوجئت الأم المثقلة بالهموم، بهم جديد يضاف إلى جبال همومها، فابنتها الثانية نور لم تكد تبلغ العاشرة حتى أصيبت بالداء ذاته الذي هاجم أختها. اشتد المرض على مريم وازدادت التكاليف، كما ازدادت الأعباء، ولم تعرف الأم ماذا تفعل، إذ كانت تعالج ريم من المرض، بعد ان وافق خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز - يرحمه الله - على علاجها في فرنسا، لتدهور حال القصبات الهوائية. وبعد العلاج عادت ريم، وجرى توفير أجهزة العلاج الملائمة لها.
وبلغة حماسية سعيدة، تقول أم أسامة: »خاضت ريم مرحلة الثانوية، إلى أن وصلت إلى الدراسة في مركز الأمير سعود بن نايف، وحصلت على شهادة نظم المعلومات، مع جائزة الأمير محمد بن فهد للتميز، وحصلت أيضاً على المركز الأول مكرر، كما أصرت على اخذ شهادة من مركز عالمي متخصص في الحاسوب، مع مرتبة الشرف».
لكن سرعان ما عادت النبرة الحزينة إلى أم أسامة، فقد تذكرت ما مرت به ابنتها الثانية نور، التي دخلت في حال «أشد وطأة»، إذ تم نقلها بعد العودة من فرنسا إلى أميركا للعلاج، وبقيت هناك لمدة عام كامل، أجريت لها جراحات عدة، استغرقت إحداها 15 ساعة، وأخرى استمرت عشر ساعات.
أعقب ذلك إصابتها بمرض السكري، نتيجة لتوقف عمل البنكرياس، بسبب تكرار الجراحات. وتقول أم أسامة: »كنت تركت أبنائي، وبينهم ريم التي كانت ترقد في منزل خالتها، وتتابع دراستها، وغادرت مع نور في رحلة العلاج، إذ أصيبت بالشلل الرباعي، نتيجة لكثرة الجراحات».
وبدأت الأم تسرد مسلسل المعاناة مرة أخرى، لكنها حلقات أكثر قسوة ومرارة، فكانت مقسمة الفؤاد بين الدمام وأميركا، فريم تكافح من أجل الشفاء.
ونور دخلت معركتها الخاصة، والأم تنتقل بين الدمام وأميركا، للاطمئنان على الأولى وبقية أبنائها، وتعود لأميركا للوقوف إلى جانب الثانية.
ومع مرور 20 عاماً، دونت هذه الأم وابنتاها قصة كفاح، أكثر ما يسعدها الآن هو تحسن حالي نور وريم الصحية، حتى إن الأولى تعمل حالياً في مستشفى الملك فهد الجامعي في الخبر، فيـما الثانية تبحث عن وظيفة مماثلة، وتخضع لعلاج طبيعي.